الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
44- ثم قال جل وعز: {وحففناهما بنخل} أي حوطناهما به وقد حف القوم بفلان إذا حدقوا.45- ثم قال جل وعز: {وجعلنا بينهما زرعا} فأخبر أنه ليس بينهما إلا عمران.46- ثم أخبر أنهما في تأدية الحمل والثمر على النهاية فقال: {كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا} أي ولم تنقص.47- ثم قال جل وعز: {وفجرنا خلالهما نهرا} فأخبر أن شربهما كان من نهر وهو أغزر الشرب.48- ثم قال جل وعز: {وكان له ثمر} ويقرأ: {ثمر} فالثمر معروف وفي الثمر قولان:قال مجاهد كل ما كان في القرآن من ثمر فهو المال وما كان من ثمر فهو من الثمار.وقال أبو عمران الجوني الثمر أنواع المال والثمر الثمرات وقال أبو يزيد المدني الثمر الأصل والثمر الثمرة قال أبو جعفر وكأنه يريد بالأصل الشجر وما أشبهها وهذه الثلاثة الأقوال ترجع إلى معنى واحد وهو أن الثمر المال.والقول الآخر حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحق قال حدثنا هارون قال حدثني أبان بن تغلب عن الأعمش أن الحجاج قال لو سمعت أحدا يقول وكان له ثمر لقطعت لسانه فقلت للأعمش اتأخذ بذلك قال لا ولا نعمة عين فكان يقرأ ثمر ويأخذه من جمع الثمر قال أبو جعفر فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار ثم جمع ثمارا على ثمر وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله أعلم لأن قوله تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها} يدل على أن له ثمرا.49- ثم قال جل وعز: {فقال لصاحبه وهو يحاوره} أي يخاطبه {أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا} النفر الرهط وهو ما دون العشرة وأراد ها هنا الأتباع والخدم والولد.50- قال الله جل وعز: {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} وكل من كفر فقد ظلم نفسه لأنه يولجها النار.51- ثم قال تعالى: {قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة} فكفر بالبعث وبأن الدنيا تفنى.52- ثم قال جل وعز: {ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا} وهذا مما يسأل عنه فيقال كيف ينكر البعث ويقول: {ولئن رددت إلى ربي} ويحكم أنه يعطي خيرا منهما فالجواب أن المعنى {ولئن رددت إلى ربي} على قولك وقد أعطاني في الدنيا فكما أعطاني في الدنيا فهو يعطيني في الآخرةونظير هذا قوله جل وعز: {أين شركائي} أي على قولكم ومن قرأ منها أراد الجنة.53- ثم قال جل وعز: {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة} فألزمه الكفر بقوله.54- ثم قال جل وعز: {ثم سواك رجلا} أي كملك.55- ثم قال جل وعز: {لكن هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا} فدل هذا على أنه كان مشركا والمعنى لكن أنا.56- ثم قال جل وعز: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} المعنى هذه الجنة هي لا ما شاء الله ويجوز أن يكون المعنى ما شاء الله كان والمعنى لا يكون لأحد إلا ما شاء الله وليس لأحد في بدنه ولا ماله قوة إلا بالله وروى عمرو بن ميمون عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة من تحت العرش قال قلت بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال لا قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال الله أسلم عبدي واستسلم».57- ثم قال جل وعز: {إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك} يجوز أن يكون أراد في الدنيا وأن يكون أراد في الآخرة.58- ثم قال جل وعز: {ويرسل عليها حسبانا من السماء} قال قتادة والضحاك أي عذابا. وقال أبو عبيدة هي المرامي جمع مرماة وشئ فيه الحصب والمعروف في اللغة أن الحسبان والحساب واحد قال الله جل وعز: {الشمس والقمر بحسبان} وقول قتادة والضحاك صحيح المعنى كأنه قال أو يرسل عليها عذاب حساب ما كسبت يداه وهو مثل قوله تعالى: {واسأل القرية}.59- ثم قال جل وعز: {فتصبح صعيدا زلقا} الصعيد في اللغة وجه الأرض الذي لا نبات عليه والزلق ما نزل فيه الأقدام.60- ثم قال جل وعز: {أو يصبح ماؤها غورا} أي غائرا والتقدير ذا غور.61- ثم قال جل وعز: {فلن تستطيع له طلبا} أي لم يبق له أثر فيطلب من أجله.62- ثم قال جل وعز: {وأحيط بثمره} أي أحاط الله العذاب بثمره.63- ثم قال تعالى: {فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها} وهذا يوصف به النادم.64- ثم قال جل وعز: {وهي خاوية على عروشها} الخاوية في اللغة الخالية والعروش السقوف والمعنى أن حيطانها قيام وقد سقطت سقوفها فكان الحيطان على السقوف.65- وقوله جل وعز: {ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله} قال مجاهد أي عشيرة.66- وقوله جل وعز: {هنالك الولاية لله الحق} أي يؤمنون بالله وحده ويتبرءون مما كانوا يعبدون ويقرأ الولاية بكسر الواو والمعنى على الفتح لأن الولاية المعروف أنها الإمارة.67- ثم قال جل وعز: {هو خير ثوابا وخير عقبا} العقب عند أهل اللغة والعقبى والعاقبة واحد وهو ما يصير إليه الأمر.68- ثم قال جل وعز: {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فاصبح هشيما} الهشيم ما جف من الثياب أو تفتت ويقال هشمته أي كسرته.69- ثم قال جل وعز: {تذروه الرياح} أي تنسفه ضرب الله هذا المثل للحياة الدنيا لأن ما مضى منها بمنزلة ما لم يكن.70- وقوله جل وعز: {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا} قال أبو جعفر حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا خالد هو ابن عبد الله عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وحدثنا أبو بكر قال حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الباقيات الصالحات إنها قول العبد سبحان الله والله أكبر والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال أبو جعفر وروى عن ابن عباس أيضا أنه قال الباقيات الصالحات الصلاة والصوم والحج والغزو والتهليل والتسبيح ولا يمتنع شئ من هذا عند أهل اللغة لأنه كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا.71- ثم قال جل وعز: {وخير أملا} أي خير ما يؤمل.72- ثم قال جل وعز: {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة} في قوله: {بارزة} أن قولان أحدهما قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها وهدم بنيانها فهي بارزة أي ظاهرة وعلى هذا القول أهل التفسير وهو البين والقول الآخر إن معنى بارزة قد أبرز من فيها من الموتى فيكون هذا على النسب كما قال:
73- ثم قال جل وعز: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} أي لم نبق.74- ثم قال جل وعز: {وعرضوا على ربك صفا} أي لا يسترهم شئ ولا يحجبهم.75- ثم قال جل وعز: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة} قيل معناه بعثناكم كما خلقناكم أول مرة وقيل هو كما روى أنهم يحشرون حفاة عراة غرلا.76- ثم قال جل وعز: {بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا} أي كنتم تنكرون البعث.77- ثم قال جل وعز: {ووضع الكتاب} في الكلام حذف والمعنى ووضع الكتاب في يد كل أمرئ إما في يمينة وإما في شماله.78- ثم يبين هذا بقوله: {فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي تراهم خائفين وجلين مما فيه من أعمالهم السيئة ويقولون ما شأن هذا الكتاب لا يبقى صغيرة من ذنوبنا ولا كبيرة إلا حفظها وضبطها.79- ثم قال جل وعز: {ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} أي إنما تقع العقوبة على المجازاة وأصل الظلم في اللغة وضع الشئ في غير موضعه.80- وقوله جل وعز: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس} كان من الجن. في هذا قولان أحدهما أنه نسب إلى الجن لأنه عمل عملهم والقول الآخر أنه منهم.81- ثم قال جل وعز: {ففسق عن أمر ربه} أي فخرج وحكى الفراء فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وقال رؤبة يهوين في نجد وغورا غائرا فواسقا عن قصدها جوائرا وفي هذه الآية سؤال:يقال ما معنى {ففسق عن أمر ربه} ففي هذا قولان أحدهما وهو مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى اتاه الفسق لما أمر فعصى فكان سبب الفسق أمر ربه كما تقول أطعمته عن جوع والقول الآخر وهو مذهب محمد بن قطرب أن المعنى ففسق عن رد أمر ربه.82- ثم قال جل وعز: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم} على {عدو} أي عداء.83- ثم قال جل وعز: {بئس للظالمين بدلا} أي بئس ما اسبتدلوا من طاعة الله طاعة إبليس.84- ثم قال جل وعز: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} أي لم يكونوا موجودين إذ ذاك.85- ثم قال جل وعز: {وما كنت متخذ المضلين عضدا} روى معمر عن قتادة قال أعوانا قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال عضدني الله فلان وعاضدني قال أي أعانني وأعزني.86- وقوله جل وعز: {ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} وفي معناه أقوال روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال مهلكا وكذلك قال الضحاك وروى معمر عن قتادة قال هلاكا وروى يزيد بن درهم عن أنس بن مالك في قوله تعالى: {وجعلنا بينهم موبقا} قال واديا من قيح ودم في جهنم وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال واد في جهنم وكذلك قال نوف إلا أنه قال يحجر بينهم وبين المؤمنين وقال أبو عبيدة {موبقا} موعدا. وقال عوف {موبقا} أي جعلنا بينهم عداوة قال أبو جعفر واصح هذه الأقوال الأول لأنه معروف في اللغة أن يقال وبق يوبق ويابق وييبق من ووبق يبق إذا هلك وأوبقه الله أي أهلكه ومنه {أو يوبقهن بما كسبوا} ومنه أوبقت فلانا ذنوبه فالمعنى جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة إلا أنه يجوز أن يسمى الوادي موبقا لأنه يهلك.87- ثم قال جل وعز: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} روى معمر عن قتادة قال أيقنوا.88- ثم قال جل وعز: {ولم يجدوا عنها مصرفا} قال أبو عبيدة أي معدلا.89- وقوله جل وعز: {ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس} من كل مثل وكان الإنسان أكثر شئ جدلا قيل يراد بالإنسان ها هنا الكفار وهو في معنى جماعة كما قال تعالى: {إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقيل هو عام وفي الحديث ما يدل على أنه عام أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لام على بن أبي طالب رضى الله عنه وفاطمة معه في ترك الصلاة بالليل قال علي أنفسنا بيد الله إذا شاء أطلقها فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شئ جدلا}.90- وقوله جل وعز: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين} في الكلام حذف والمعنى إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين وسنة الأولين معاينة العذاب لأنهم قالوا {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} فطلبوا العذاب.91- ثم قال جل وعز: {أو يأتيهم العذاب قبلا} روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال فجأة. قال الكسائي أي عيانا والمعنيان متقاربان ويقرأ: {قبلا} فأكثر أهل اللغة على أنه جمع قبيل أي أنواعا وضروبا وقال بعضهم معنا يقابلهم كما يقال جاءه من قبل ومعنى قبلا أي استئنافا كما يقال لا أكلمك إلى عشر من ذي قبل.92- وقوله جل وعز: {بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا} روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال ملجأ وحكى أهل اللغة وأل يئل إذا نجا.93- وقوله جل وعز: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا} والمعنى أهل القرى.94- ثم قال جل عز {وجعلنا لمهلكهم موعدا} يجوز أن يكون المعنى لإهلاكهم فيكون مصدرا ويجوز أن يكون المعنى لوقت إهلاكهم ومن قرأ: {لمهلكهم} ذهب إلى أن المعنى لهلاكهم كما يقال جلس مجلسا واسم الموضع المجلس وهلك مهلكا واسم الموضع المهلك قال مجاهد {موعدا} أي أجلا.95- ثم قال جل وعز: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح} قيل إنما قيل له فتاه لأنه كان يخدمه وهو يوشع ومعنى {لا أبرح} أي لا أزال وليس معناه لا أزول.96- ثم قال جل وعز: {حتى أبلغ مجمع البحرين} روى معمر عن قتادة قال بحر الروم بحر فارس. وقال غيره هو الموضع الذي وعده الله أن يلقى فيه الخضر.97- ثم قال تعالى: {أو أمضى حقبا} روى عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو قال الحقب ثمانون سنة وروى ابن نجيح قال الحقب سبعون خريفا وروى معمر عن قتادة قال الحقب زمان قال أبو جعفر الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود كما أن قوما ورهطا مبهم غير محدود والحقب بضمتين جمعه أحقاب ويجوز أن يكون أحقاب جمع حقب وحقب جمع حقبة.98- ثم قال جل وعز: {فلما بلغا مجمع بينهما} قال مجاهد أي بين البحرين وقال أبي بن كعب رحمه الله افريقية.
|